الترجمة .. مهنة من لا مهنة له
من أنتم؟
في ظل غياب دور الدولة وتهميش مهنة الترجمة وعدم إيلائها أي اهتمام من أي أنوع يذكر وعدم وجود نقابةٍ ولا حتى نقابةً عماليةً، والغريب أنه يوجد نقابة لمختلف المهن والحرف في مصر. وكأن مهنة الترجمة نبتٌ شيطانيٌ برغم احتياج أكبر مؤسسات الدولة والمنظمات الدولية والجهات الحكومية لها على الصعيد المحلي والدولي والجميع يعلم ذلك، ولكن الأمر عجيب!
صعوبة البدايات
معظم خريجي كليات اللغات (آداب وألسن ولغات وترجمة) يفضلون العمل في تدريس اللغة الإنجليزية أو العمل في السياحة – عندما كانت نشطة في مصر قبل العام 2011. والكثيرون منهم مرّ مرورًا عابرًا على مهنة الترجمة وتركوها سريعًا بعدما عانى الأمرّين من صعوبة العمل بها وصعوبة واقعها وضعف المقابل المادي مقارنة بالمجهود المبذول فيها – خاصةً إذا قورنت بالمكسب المادي السهل السريع للأعمال الأخرى التي تعتمد على استخدام اللغة أو تدريسها.
الوسطاء ... لا يمتنعون
وقد شجع ذلك الكثيرين – من غير المتخصصين – على الدخول إلى المجال وفي أغلب الأحيان من باب السمسرة والتكسب. والمشكلة في هذا الأمر هو التعامل مع المترجم على أنه "صنايعي/حرفي" مطلوب منه إدخال النص إلى "الفرن" وإعادته مطبوخًا في أسرعِ وقتٍ. صحيحٌ أن طبيعة العمل في المجال دائمًا تحت ضغطٍ، لكن ربما يبدو ذلك جنونيًا من خلال المتعاملين بالوساطة لأن الهدف يكون تحقيق الربح بأي شكلٍ وعدم رفض أي شيء لأي سبب مهما كان، لا لصعوبة نصٍ ولا ضيق موعد التسليم ولا غيره، لأنه ينظر إلى الأوراق على أنها "عملات ورقية" وليست مستندات كتابية.
نماذج مبشرة
لكن في المقابل هناك نماذج صمدت وعملت واستمرت وعانت بروح التحدي. فروح التحدي للعمل في المجال لا بديل عنها ومن لا يتمتع بروح التحدي من المترجمين سرعان ما سيفتش عن أقرب باب خروج.
والتحدي المقصود قد يطال تحدي المهنة ذاتها والعمل بها بالمداومة على الاطلاع والتعلم الدائم مهما طالت سنوات الخبرة، وكذلك تحدي معوقات واقعها في الوطن العربي وتدهور سوقها يومًا بعد يومٍ وخاصةً بعدما شهدته المنطقة العربية من كسادٍ مؤخرًا بتدهور أسعار البترول العالمية مما أثّر على سوق الخليج العربي. كما أن روح التحدي تتمثل في المداومة والاستمرار وعدم القنوط واليأس وانتظار اتزان المعادلة عما قريب.