أسباب انتشار الترجمة من اللغة الإنجليزية وضعف العربية English/Arabic Translation
تعتبر حقيقة انتشار الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى مختلف اللغات حقيقة لا يُنكرها قريبٌ ولا بعيدٌ من هذا الميدان. والأسباب وراء ذلك كثيرة، وربما تعود إلى نحو مائتي عام قبل هذا الوقت مع انتشار الإمبريالية العالمية، وتوسُّع الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا لتكون الإنجليزية على رأس عشرات الدول من مختلف المساحات والتعداد السكاني في العالم.
وإذا كان هذا الانتشار إنما يعكس القوة العسكرية، فقد ازداد الانتشار في خلال السنوات التي تلت ذلك مع قوة الولايات المتحدة الأمريكية على مختلف الأصعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية كذلك. وجميعها هي الأسباب الطبيعية لسيطرة لغةٍ واحدةٍ على العالم وذيوعها وانتشارها ورغبة الجميع في تعلُّمها. فتجد الإنجليزية هي اللغة الرسمية في الكثير من الدول، أو لغة ثانية في دولٍ أخرى، وحتى إنك لا تكاد تلحظ لافتةً إلا ومكتوب فيها باللغة الأصلية مع ترجمة بالإنجليزية وهو انعكاس حقيقي لقوة اللغة.
والجدير بالذكر أن هذا الأمر ليس خاصًا بالإنجليزية وحدها، وإنما مرت لغات أخرى بنفس هذه المرحلة فكانت اللاتينية هي اللغة الأكثر انتشارًا عالميًّا برغم قلة عدد متحدثيها ولكن بسبب القوة العسكرية والهيمنة على العالم في وقت من الأوقات. وبعد ذلك كانت اليونانية القديمة وكانت الفرنسية في وقت ما في نفس المرحلة وبعد ذلك العربية في وقت آخر. إذن فاللغة المسيطرة ليست مستمرة طوال التاريخ، وإنما تتغير بتغير عوامل ومسببات انتشار وهيمنة اللغة من مختلف الجوانب العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية.
والجدير بالذكر أنَّ هذه الأخيرة "الثقافية" لها تأثير كبير جدًا بالتأكيد بالإضافة إلى العوامل والمسببات الأخرى. ولهذا السبب نجد دولة صغيرة مثل "إسرائيل" حسب التقديرات تترجم سنويًّا ما يقرب من 15000 كتاب في مقابل 330 كتابًا في الدول العربية جميعها. وحتى إن كانت هذه التقديرات غير دقيقة، فإنه لا مجال لمناقشة تدهور حركة الترجمة إلى العربية واهتمام الحكومات العربية بها في الوقت الحالي، اللهم إلا بعض الجهود الضيئلة من حكومات مثل دولة الإمارات العربية المتحدة.
حاليًا يدور الحديث عن أنَّ اللغة العربية سوف تستعيد هذه المكانة مع نهاية هذا القرن وقد أُجريت أبحاث كثيرة في جامعات بريطانية على أساس علم اللغة الكوني الحديث، وهو علم يدرس جميع لغات العالم في وقت واحد ويقارنها من حيث النظام النحوي والعلاقة الجينية؛ ليعرف أسباب موتها أو بقائها أو أسباب استمرارها وأسباب قوتها وضعفها، وقد ثبت أنَّ اللغة العربية هي اللغة العالمية الأم وهي أصل كل اللغات، وسيكون لها السبق والريادة والهيمنة والسيطرة مرةً أخرى مع نهاية القرن الحالي – حسب نتائج هذه الأبحاث.